قصيدة لابن قيم الجوزية
حُكمُ المَحَبَّةِ ثَابتُ الأركَانِ * * مَا للصُّدُودِ بِفَسخِ ذَاكَ يَدَانِ
أنَّى وَقَاضِي الحُسنِ نفَّذ حُكمَها * * فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الخَصمانِ
وَأتَت شُهُودُ الوَصلِ تَشهَدُ أنه * * حَقًّا جَرَى في مَجلسِ الإِحسانِ
فتأكَّدَ الحُكمُ العزيزُ فَلَم تَجِد * * فَسخُ الوُشَاةِ إلَيهِ مِن سُلطَانِ
وَلأجلِ ذَا حُكمُ العَذُولِ تَدَاعت ال* * أركانُ مِنهُ فَخَرَّ للأذقَانِ
وأتى الوُشاةُ فَصَادَفُوا الحُكمَ الذِي * * حَكَمُوا به مُتَيَقَّنَ البُطلانِ
ما صَادَفَ الحُكمُ المَحَلَّ وَلا هُوَ اس * * تَوفَى الشُروطَ فَصَارَ ذا بُطلاَن
فَلِذَاكَ قَاضِي الحُسنِ أَثبَتَ مَحضَراً * * بِفسَادِ حُكمِ الهَجرِ والسُّلوانِ
وَحكَى لَكَ الحُكمَ المُحالَ وَنَقضَهُ * * فاسمع إذاً يا مَن لَهُ أُذُنَانِ
حُكمُ الوُشَاةِ بِغيرِ مَا بُرهَانِ * * إنَّ المحبَّةَ والصُدُودَ لِدَانِ
وَاللهِ ما هذَا بِحُكمٍ مُقسِطٍ * * أينَ الغَرامُ وصَدُّ ذِي هِجرَان
شتَّان بين الحالتَينِ فَإِن تُرِد * * جَمعاً فما الضِّدَّانِ يَجتَمعَانِ
يَا وَالِهاً هَانَت عَلَيهِ نَفسُهُ * * إذ بَاعَهَا غَبناً بِكُلِّ هَوَان
أتَبِيعُ مَن تَهواهُ نَفسُك طِائِعاً * * بالصَّدِّ والتَّعذيبِ والهِجرَانِ
أجَهِلتَ أوصَافَ المبِيعِ وقَدرَهُ * * أم كُنتَ ذا جَهلٍ بِذِي الأثمَانِ
وَاهاً لِقَلبٍ لا يُفَارِقُ طَيرُه ال * * أغصَانَ قَائِمةً عَلى الكُثبَان
وَيَظَلُّ يَسجَعُ فوقَهَا وَلِغَيرِهِ * * مِنهَا الثِّمَارُ وكُلُّ قِطفٍ دَانِ
ويبيتُ يَبكِي والمواصِل ضَاحِكٌ * * وَيَظَلُّ يشكُو وهو ذُو هجرانِ
هَذا وَلَو أنَّ الجَمَالَ مَعلَّقٌ * * بالنَّجمِ هَمَّ إليهِ بالطَّيرانِ
لِلَّهِ زائِرَةٌ بِلَيلٍ لَم تَخَف * * عَسَسَ الاميرِ وَمَرصَدَ السَّجَانِ