ملاك الله مشرف ذهبي
عدد المساهمات : 8536 نقاط : 52711 السمعة : 248 تاريخ التسجيل : 12/07/2009 العمر : 43 الموقع : الوادي
| موضوع: أشواق ليست كالأشواق الإثنين 26 ديسمبر 2011, 5:21 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أشواق ليست كالأشواق
لقد صدق مَن وصفه بمغناطيس القُلوب، فما سرّ هذه الأشواق؟
تعالَوا معنا نتعرَّف على إجابة هذا السؤال، ونتعرَّف على بعض القصص والأخبار عن شوق الصَّالحين والأخيار لبيت الله الحرام؛
يقول الله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]
قال ابن القيّم - رحِمه الله - معلِّقًا على هذه الآية: ولو لم يكُن له شرف إلاَّ إضافته إيَّاه إلى نفسه بقوله: (وَطَهِّرْ بَيْتِي)، لكفى بهذه الإضافة فضلاً وشرفًا، وهذه الإضافة هي التي أقبلت بقلوب
العالمين إليه، وسلَبَت نفوسهم حبًّا له وشوقًا إلى رؤيته، فهو المثابة للمحبِّين يثوبون إليْه ولا يقضون منه وطرًا أبدًا، كلَّما ازدادوا له زيارةً ازدادوا له حبًّا وإليْه اشتياقًا، فلا الوصال يشفيهم ولا البعاد يسليهم، كما قيل:
أَطُوفُ بِهِ وَالنَّفْسُ بَعْدُ مَشُوقَةٌ إِلَيْهِ وَهَلْ بَعْدَ الطَّوَافِ تَدَانِي
وَأَلْثُمُ مِنْهُ الرُّكْنَ أَطْلُبُ بَرْدَ مَا بِقَلْبِيَ مِنْ شَوْقٍ وَمِنْ هَيَمَانِ
فَوَاللَّهِ مَا أَزْدَادُ إِلاَّ صَبَابَةً وَلا القَلْبُ إِلاَّ كَثْرَةَ الخَفَقَانِ
فَيَا جَنَّةَ المَأْوَى وَيَا غَايَةَ المُنَى وَيَا مُنْيَتِي مِنْ دُونِ كُلِّ أَمَانِ
أَبَتْ غُلَّبَاتُ الشَّوْقِ إِلاَّ تَقَرُّبًا إِلَيْكِ فَمَا لِي بِالبِعَادِ يَدَانِ
وَمَا كَانَ صَدِّي عَنْكِ صَدَّ مَلالَةٍ وَلِي شَاهِدٌ مِنْ مُقْلَتِي وَلِسَانِي
دَعَوتُ اصْطِبَارِي عِنْدَ بُعْدِكِ وَالبُكَا فَلَبَّى البُكَا وَالصَّبْرُ عَنْكِ عَصَانِي
وَهَذَا مُحِبٌّ قَادَهُ الشَّوْقُ وَالهَوَى بِغَيْرِ زِمَامٍ قَائِدٍ وَعِنَانِ
أَتَاكِ عَلَى بُعْدِ المَزَارِ وَلَوْ وَنَتْ مَطِيَّتُهُ جَاءَتْ بِهِ القَدَمَانِ
بدائع الفوائد: (2 /281)
أذَّن إبراهيم في النَّاس بالحجّ فأجابوا، ودعاهم فلبَّوا، جاؤوا إليْه رجالاً على أرجُلهم، وركبانًا على كلّ ضامر، جاؤوا للحجّ من كلّ فجّ، الشَّوق يحدوهم، والرَّغبة تسوقهم،
فهل مرَّ بك ركبٌ أشرف من ركْب الطَّائفين؟!
وهل شممت عبيرًا أزْكى من غبار المحرمين؟!
وهل هزَّك نغم أروع من تلبية الملبين؟!
لقد كان شوق السَّلف الصَّالح للبيت - مع بعد الشقَّة وصعوبة التّرحال، وقلَّة الظهر وشدَّة الحال - شيئًا لا يوصف، يصدق عليهم قول القائل:
هَتَفَ المُنَادِي فَانْطَلِقْ يَا حَادِي وَارْفُقْ بِنَا إِنَّ القُلُوبَ صَوَادِي
تَتَجَاذَبُ الأَشْوَاقُ وَجْدَ نُفُوسِنَا مَا بَيْنَ خَافٍ فِي الضُّلُوعِ وَبَادِ
وَتُسَافِرُ الأَحْلامُ فِي أَرْوَاحِنَا سَفَرًا يَجُوبُ مَفَاوِزَ الآمَادِ
وَنَطُوفُ آفَاقَ البِلادِ فَأَيْنَ فِي تَطْوَافِنَا تَبْقَى حُرُوفُ بِلادِ
هَتَفَ المُنَادِي فَاسْتَجِبْ لِنِدَائِهِ وَامْنَحْهُ وِجْدَانَ المُحِبِّ وَنَادِ
لَبَّيْكَ فَاحَ الكَوْنُ مِنْ نَفَحَاتِهَا وَتَعَطَّرَتْ مِنْهَا رُبُوعُ الوَادِي
لَبَّيْكَ فَاضَ الوَجْدُ فِي قَسَمَاتِهَا وَتَنَاثَرَتْ فِيهَا طُيُوفُ وِدَادِ
لَبَّيْكَ فَاتِحَةُ الرَّحِيلِ وَصَحْبِهِ هَلاَّ سَمِعْتَ هُنَاكَ شَدْوَ الشَّادِي
هَذَا الرَّحِيلُ إِلَى رُبُوعٍ لَمْ تَزَلْ تُهْدِي إِلَى الدُّنْيَا بَرَاعَةَ هَادِ
هَذَا المَسِيرُ إِلَى مَشَاعِرَ لَمْ تَزَلْ تُذْكِي المَشَاعِرَ رَوْعَةُ الإِنْشَادِ
إنَّه الشَّوق إلى أرض الرَّحمات، إنَّه الشَّوق إلى أرض العطايا والهبات، فحقَّ للنُّفوس أن تتوق وحقَّ للأرْواح أن تحلِّق أملاً في الوصال، فخذ من خبرهم ما يبعث فيك الرَّغبة، ويحرك في قلبك الشوق.فلنستعرِض بعض حديث الأشواق:
هذا رجل يبصر قوافل الحجيج فتعبث به الأشواق وتعتريه الهموم والأحزان، فأيّ مشهد يبعث الحزن للقاعدين عن الوفود إلى بيْت الله كمشهدِ قوافل الحَجيج بحُدائها الشجي وبمنظرها البهي، فحقَّ للقلوب أن
تحزن، وحقَّ للجفون أن تعاف الغمض، وحقَّ للعيون أن تذرف الدَّمع أسفًا على فوْت الرَّحيل إلى أرْض الحجيج، فلم يملك صاحبنا إلاَّ أن يُرْسِل لتلك القوافل:
يَا رَاحِلِينَ إِلَى مِنًى بِقِيَادِي هَيَّجْتُمُ يَوْمَ الرَّحِيلِ فُؤَادِي
سِرْتُمْ وَسَارَ دَلِيلُكُمْ يَا وَحْشَتِي الشَّوْقُ أَقْلَقَنِي وَصَوْتُ الحَادِي
وَحَرَمْتُمُ جَفْنِي المَنَامَ بِبُعْدِكُمْ يَا سَاكِنِينَ المُنْحَنَى وَالوَادِي
وَيَلُوحُ لِي مَا بَيْنَ زَمْزَمَ وَالصَّفَا عِنْدَ المَقَامِ سَمِعْتُ صَوْتَ مُنَادِي
وَيَقُولُ لِي يَا نَائِمٌ جِدَّ السُّرَى عَرَفَاتُ تَجْلُو كُلَّ قَلْبٍ صَادِي
مَنْ نَالَ مِنْ عَرَفَاتَ نَظْرَةَ سَاعَةٍ نَالَ السُّرُورَ وَنَالَ كُلَّ مُرَادِ
تَاللَّهِ مَا أَحْلَى المَبِيتَ عَلَى مِنًى فِي لَيْلِ عِيدٍ أَبْرَكِ الأَعْيَادِ
ضَحَّوا ضَحَايَاهُمْ وَسَالَ دِمَاؤُهَا وَأَنَا المُتَيَّمُ قَدْ نَحَرْتُ فُؤَادِي
لَبِسُوا ثِيَابَ البِيضِ شَارَاتِ الرِّضَا وَأَنَا المُلَوَّعُ قَدْ لَبِسْتُ سَوَادِي
فلله ما أعظم خبر النفوس الراغبة، والقلوب الطاهرة!
ولم لا يعظم الشَّوق فيها وتعظم الرغبة عندها، والأجر عظيم والرَّبّ كريم؟!
عن أبِي هُرَيرة - رضِي الله عنْه - عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((ما أهلَّ مهِلٌّ قطّ ولا كبَّر مكبِّر قطُّ إلاَّ بشِّر بالجنَّة)).
وعن ابن عُمر - رضي الله عنْه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أمَّا خروجُك من بيتك تؤمّ البيت الحرام، فإنَّ لك بكلّ وطأة تطؤُها راحلتُك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنْك بها
سيِّئة، وأمَّا وقوفك بعرفة، إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ينزل إلى السَّماء الدّنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاؤوني شعثًا غبرًا من كلّ فجّ عميق، يرْجُون رحمتي، ويخافون عذابي وَلَم يروني، فكيف لو
رأوْني؟ فلو كان عليْكَ مثل رمل عالج – أي: متراكم - أو مثل أيَّام الدنيا، أو مثل قطْر السَّماء ذنوبًا، غسلها الله عنك، وأمَّا رميك الجمار فإنَّه مدخور لك، وأمَّا حلْقك رأسك، فإنَّ لك بكلِّ شعرة تسقط حسنة، فإذا طفْت
بالبيْت خرجت من ذنوبِك كيَوْم ولدتْك أمُّك))؛ الطبراني
أسالُ العليَّ العظيم الواحد الأحَدَ الحيَّ القيُّوم: أن يرزُقَنا الوُفود إلى بيتِه الحرام، ويَجعلنا من المقبولين بمنِّه وكرَمه.
آميييييييييييييييييييييييين | |
|
سوفية وافتخر مشرف فضي
عدد المساهمات : 6477 نقاط : 39347 السمعة : 79 تاريخ التسجيل : 09/09/2009 الموقع : الوادي
| موضوع: رد: أشواق ليست كالأشواق الثلاثاء 27 ديسمبر 2011, 2:10 pm | |
| بارك الله فيكي موضوع رائع | |
|