8 ماي 1945.. ذكرى مأساة حملت بذور ثورة
الجزائر24- يحمل يوم الثامن ماي من كل سنة لدى الجزائريين العديد من المعاني، حيث يجمل من جهة عمق معاناة شعبهم من الاستعمار الفرنسي الذي جثم على بلدهم من 1830 حتى 1962، كما يجمل من جهة ثانية جسامة التضحيات التي قدموها على مذبح الحرية والاستقلال.
اعتبر مجاهدون ومؤرخون جزائريون في ندوة تاريخية أن مجازر الثامن ماي 1945 التي عاشتها مدن سطيف وخراطة وقالمة ومناطق أخرى عبر الجزائر كانت بمثابة بيان ميلاد الثورة التحريرية وكرست بداية النهاية بالنسبة للاحتلال الفرنسي بالجزائر.
وأشار المشاركون في هذه الندوة التي نظمت بمناسبة إحياء الذكرى 65 لتلك الأحداث الدامية ان هذه الاخيرة كانت بالفعل "جرائم ضد الانسانية" ومثلت "منعرجا حاسما في تفجير ثورة أول نوفمبر". وفي هذا الصدد اشار المجاهد عمار بن تومي أحد الوجوه البارزة في الحركة الوطنية الى ان احداث 8 ماي 1945 كانت محطة هامة لتوحيد صفوف تنظيمات الحركة الوطنية والتحضير للعمل المسلح لافتكاك الاستقلال مشيرا الى انها كانت "المحرك الرئيسي والاساسي لاندلاع الثورة التحريرية في اول نوفمبر 1954 والتي توجت بالاستقلال الوطني في 5 جويلية 1962".
هذه الاحداث الدموية التي انتشرت بكل انحاء مناطق الشرق الجزائري بعد ان انطلقت من ولاية سطيف، يضيف ذات المتحدث، ساهمت في انتقال الحركة الوطنية من مسارها السياسي نحو التوجه العسكري بانشائها المنظمة السرية عام 1947 بقيادة محمد بلوزداد".
وذكر المتدخل عند تقديمه شهادات حية بكل الاعمال القمعية التي ارتكبها الاستعمارفي الجزائر منذ 1830 وذلك بتقتيل المواطنين وتشريدهم وتفقيرهم بتجريدهم من ممتلكاتهم". كما تطرق المحاضر في هذا الاطار الى كل المقاومات الشعبية التي خاضها الشعب الجزائري وكذا بدور الحركة الوطنية التي ساهمت بجدية في اندلاع الثورة التحريرية.
ولدى استعراضه لاحداث 8 ماي 1945 اكد بن تومي ان المظاهرات التي نظمتها الحركة الوطنية في العديد من مناطق الجزائر خاصة بمناطق قالمة وسطيف وخراطة كانت "سلمية هدفها الاحتفال بنصر الحلفاء ضد النازية والمطالبة ايضا بالاستقلال الوطني والافراج عن زعماء ومسيري الحركة الوطنية الذين كانوا في سجون الاستعمار".
غير ان الاستعمار، كما قال، واجه هذه المظاهرات بعنف مما أسفر عن ازيد من 45 الف شهيد و10 آلاف سجين والحكم بالاعدام على الكثير من المتظاهرين". ومن جانبه قدم المجاهد ساسي بن حملة احد اعضاء حزب الشعب الجزائري آنذاك وشاهد عيان عن احداث قالمة وعضو بجمعية 8 ماي 1945 شهادات حية حول المجازر التي ارتكبها جيش الاستعمار ضد مواطنين عزل بمنطقة قالمة بقتلهم وتعذيبهم.
في هذا الصدد ذكر المتدخل أن جيش الاستعمار قد قتل ما "يقارب 12 الف مواطن اثناء مظاهرات الثامن من ماي 1945 بمنطقة قالمة وحدها" مبرزا اهمية "تبليغ رسالة الثورة التحريرية للاجيال الصاعدة لحماية ذاكرة الامة وتاريخ الثورة التحريرية".
واشار في ذات الصدد الى أن السلطات الاستعمارية تخلصت من جثث ضحايا مجازر 8 ماي 1945 بقالمة "برميها في أفران الجير" بهيليوبوليس والتي لا تزال موجودة إلى حد الآن وشاهدة على هذه الفظاعات. وقد قامت الميليشيات ومصالح الامن، يضيف المجاهد، فور "الاعلان عن تشكيل لجنة تحقيق برئاسة الجنرال توبارت بإخفاء الجثث عن طريق رميها في هذه الافران".
ومن جهة اخرى وصف عامر رخيلة استاذ جامعي احادث 8 ماي 1945 بـ"المجازر ضد الانسانية التي تم ممارسة التعتيم الاعلامي حولها باعلان فرنسا عن مقتل حوالي 1340 شخص للتخفيف من حدة النتائج الوخيمة على المتظاهرين".
لكن هذا الاسلوب اللاإنساني الذي طالما لجأت اليه فرنسا لإجهاض كل محاولات الكفاح قد زاد تمسك الجزائريين بقضية الحق في تقرير المصير في اطار توحيد صفوف الحركة الوطنية وتنسيق جهودها تحضيرا الثورة التحريرية المسلحة. وفي ختام اللقاء دعا المشاركون في هذه الندوة التاريخية فرنسا الى وجوب الاعتراف بكل المجازر التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري وتقديم تعويضات عن ذلك.(المصدر واج).