"أفضل مائة بيت لأبي الطيب المتنبي"
أظمتني الدنيا فلما جئتها
مستسقيا مطرت علي مصائبا
وحيد من الخلان في كل بلدة
إذا عظم المطلوب قل المساعد
جمح الزمان فلا لذيذ خالص
مما يشوب ولا سرور كامل
لحى الله ذي الدنيا مناخا لراكب
فكل بعيد الهم فيها معذب
بذا قضت الأيام مابين أهلها
مصائب قوم عند قوم فوائد
والموت آت والنفوس نفائس
والمستعز بما لديه الأحمق
نبكي على الدنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
رمى واتقى رميي ومن دون ما اتقى
هوى كاسر كفي وقوسي وأسهمي
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدوا له ما من صداقته بد
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
بأنني خير من تسعى به قدم
انا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
قالت وقد رأت اصفراري من به؟
وتنهدت! فأجبتها المتنهد
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه
تصيده الضرغام فيما تصيدا
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت ايلام
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال
وخير مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
لا تعذل المشتاق في أشواقه
حتى يكون حشاك في أحشائه
نشرت ثلاث ذوائب من شعرها
في ليله فأرت ليالي أربعا
واستقبلت قمر السماء بوجهها
فأرتني القمرين في وقت معا
لقد حازني وجد بمن حازه بعد
فيا ليتني بعد ويا ليته وجد
جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجود
إذا نلت منك الود فالمال هين
وكل الذي فوق التراب تراب
أبعين مفتقر إليك نظرتني
فأهنتني ورميتني من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنني
علقت آمالي بغير الخالق
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر
فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
فلما لم يدع لي صدقه أملا
شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
ولو كن النساء كمن فقدنا
لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال
أبنت الدهر عندي كل بنت
فكيف وصلت أنت من الزحام
(بنت الدهر: المصيبة)
قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم
ورب عائب قولا صحيحا
وآفته من الفهم السقيم
قد شرف الله أرضا أنت ساكنها
وشرف الناس إذ سواك انسانا
وكل أناس يتبعون إمامهم
وأنت لأهل المكرمات إمام
ما كنت ممن يدخل العشق قلبه
ولكن من يبصر جفونك يعشق
إني وإن لمت حاسدي فما
أنكر أني عقوبة لهم
ولقد رأيت الضر أحسن منظرا
وأهون من مرأى صغير به كبر
وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
تمر بك الأبطال كلمى جريحة
ووجهك وضاح وثغرك باسم
إن كان سركم ما قال حاسدنا
فما لجرح إذا أرضاكم ألم
فليت هوى الأحبة كان عدلا
فحمل كل قلب ما أطاقا
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت
لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
كفى بك داءا أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكن أمانيا
أما في هذه الدنيا كريم
تزول به عن النفس الهموم
ولم أر في عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام
ولما صار ود الناس خبّا(كذبا)
جزيت على ابتسام بابتسام
وجاء في طلب المتروك تاركه
إنا لنغفل والأيام في الطلب
كلما أنبت الزمان قناة
ركب المرء في القناة سنانا
على غير اختيار قبلت برك لي
والجوع يرضي الاسود بالجيف
صغرت عن المديح فقلت أهجى
كأنك ما صغرت عن الهجاء
الجود عوفي إذ عوفيت والكرم
وزال منك إلى أعدائك الألم
على قدرأهل العزم تأتي العزائم
منقوووووووول