لقد رافق التطورات في تكنولوجيا الاتصال وما شهده العالم من طفرة في استخدام الوسائط المتعددة ظهور أنماط جديدة من التنمر باتت تعرف بالتنمر الالكتروني cyber bullying)) ومن خلالها استطاع الشباب إيجاد طرق حديثة للتنمر على ضحاياهم ،وذلك من خلال من خلال استخدام الانترنت والهواتف الخليوية.
ويسمح هذا النوع الجديد من التنمر للأولاد والبنات التحرش بأقرانهم من خلال الرسائل الفورية والبريد الالكتروني وغرف المحادثة ومواقع التواصل المتعددة بالكثير من المجهولية والغموضية كما يريدون.
التنمر التقليدي والذي هو نوع من أنواع العنف كان له تأثير على لأطفال والمراهقين خلال وجودهم في المدرسة وأثناء الذهاب والإياب إليها أو في الأماكن العامة وساحات اللعب ومواقف الحافلات
بينما مكنت التكنولوجيا الحديثة اليافعين والذين من المحتمل أن يكونوا متنمرين أن يمتد مدى عدوانهم إلى مدى أبعد من المحيط المادي وهذا ما أصبح يستخدم كمصطلح التنمر الالكتروني cyber bullying) )حيث يتمكن الطلاب المحبين للتكنولوجيا التحرش بضحاياهم ليلا نهارا مستخدمين أساليب تكنولوجية مثل الحاسوب والهواتف الخليوية patchin &hinduja2006,p.148))
ويؤثر التنمر الالكتروني على حياة الكثير من الطلاب وغيرهم في أيامنا هذه ولذلك أجريت أبحاث كثيرة على جميع أوجه التنمر ومن ضمنها التنمر الالكتروني وقد درست هذه القضية في مجالي علم النفس والاجتماع .
ولذلك يجب أن لا يستهان بمشكلة التنمر الالكتروني خاصة انها يمكن ان تتطور الى مشكلة اكبر تعرف ب التلصص والملاحقةcyberstalking ) ).
وبشكل تقريبي فان واحدا من 17 من الشباب المستخدمين للانترنت بشكل منتظم سيتعرضون للتحرش بطريقة ما فالتنمر الالكتروني مشكلة متنامية للأجيال الحاضرة والقادمة.
ويعتقد الكثير من علماء الاجتماع بأن الأذى الحاصل جراء التنمر الالكتروني يمكن أن يكون مساويا للأذى الناتج عن التنمر التقليدي أو ممكن أن يكون أسوا لأن الضحية لا تعرف هوية المتنمر وتساعد المجهولية على إخفاء هوية المتنمر مما يجعل التنمر أكثر صعوبة على الضحية ,كما يمكن أن يكون التنمر ضمن الجماعة مدمرا أكثر من التنمر الفردي , ووفقا لعلماء الاجتماع فان التنمر الالكتروني "احدث أشكال الترهيب" والتي رافقت ظهور الحواسيب والهواتف المحمولة.
والمتنمر الالكتروني يكون لديه الاقتناع التام بأنه يمتلك السلطة على الضحية حيث أن هذه السلطة يمكن أن تنبع من الشعور بالشعبية أو القوة الجسدية أو وجوده في مركز مهم أو من كونه منافس اجتماعيا أو من الثقة العالية بالنفس والذكاء والعرق أو انه أكبر سنا أو بسبب وضعه الاقتصادي العالي..فان كل هذه الأمور تجعل المتنمر يعتقد انه أقوى من الضحية
وأحيانا يتنمرون لأنهم لا يحبون أنفسهم فيقدمون على إيذاء الآخرين ليشعروا أفضل.
وتشير الأبحاث إلى أن الشخص الهادئ والذي يبدو في الواقع لطيفا انه قادر على أن يكون متنمرا الكترونيا للإحساس بالقوة والتي لا يمكنه امتلاكها من التفاعل وجها لوجه .
التنمر الالكتروني والجنس (ذكور وإناث)
كما كشفت البحوث أفكارا مختلفة حول الذكور وإلاناث فعندما نفكر بالمتنمر تأتي صورة الذكر وهي صورة شخص قوي ومرعب وبالذات للضحايا الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم . وغالبية الناس لا يفكرون بالأنثى كصورة لإنسان متنمر في المدرسة في حالة العنف التقليدي وقد كتب كل من( Tara Anderson & Brain Sturn )وحول الفرق بين الأولاد والبنات واستنتجوا انه بشكل متعارف عليه فان الذكور هم الذين يهددون الأطفال الأصغر سنا أو حجما وتنبع الفكرة من أن الذكور دائما يمارسون العنف على النساء . لكن التكنولوجيا الحديثة بدأت بتغيير الفكرة بسبب التقدم في تكنولوجيا الحاسوب والهاتف فان الإناث بدأن بدخول لعبة التنمر حيث لوحظ ازدياد التنمر الالكتروني خلال الثلاث أو الأربع سنوات الماضية.. وتختلف طرق الإناث في التنمر الالكتروني عن الذكور فيستخدمن نشر الشائعات والعزل الاجتماعي أو أي شكل آخر من أشكال العداء الهادئ Barran &Lacombe 2005)) أصبح لديهما تبصر قوي في عالم العنف لدى الإناث فيقولان أن البنت عادة ما تكون لطيفة مع معلماتها ووالديها فلا نتوقع منها سلوكا سلبيا في نواحي أخرى ولكنها عندما تصل المنزل وتستخدم الانترنت تظهر جانبا مختلفا تماما حيث تكون قاسية وسيئة حتى تسيطر على غيرها وكأنها وجدت طريقة لخداع الآخرين للسيطرة عليهم من خلال الانترنت وهذه طريقة لا تحتاج إلى الخشونة وتبلغ نسبة الاناث المتنمرات الكترونيا 60% مقارنة بالذكور ر 52%.
اختلاف العمر
من المهم البحث في أعمار المتنمرين ذكورا وإناث فقد وجد أن هذا النوع من التنمر يحدث بنسب كبيرة في المرحلة المتوسطة والثانوية ويبدو أن عمر المراهقة هو العمر الذي تتكرر فيه أحداث التنمر وشدته ولذلك يصفونها بأنها فترة( شدة العنف)وذلك بسبب حدوث تغيرات في عدة جوانب من حياتهم وهم في هذا العمر يبحثون عن تشكيل هويتهم ويقضون أوقانا كثيرة مع الرفاق وأحيانا يتعاملوا بسوء معهم ويمكن للتغيرات أن تكون سلبية أو ايجابية ومن التغيرات السلبية التي تحدث التنمر وذلك لأسباب تتعلق بالرضا الشخصي والشعور أفضل حول أنفسهم وحياتهم الخاصة وفي المدارس المتوسطة أظهرت الدراسات أن التنمر يحدث أكثر في هذه المرحلة من المرحلة الثانوية
يحدث التنمر الالكتروني غالبا في أوساط المراهقين في الأعمار ما بين( 13-17)وهناك نسبة اصغر تعادل 8% من اليافعين ما بين (10-12)سنة والذين تنمروا على شخص ما مرة واحدة على الأقل. وكلما تقدمت التكنولوجيا فسيكون التركيز على اليافعين 10-12 سنة آو اقل.
وقد أصبح مكانا محببا ومفضلا لدى اليافعين وحتى الصغار بسبب سهولة دخولهم على الانترنت وغالبا ما يستخدمون الكمبيوتر لدخول المسنجر وال (Blog)والبريد الالكتروني حيث يحدث التنمر الالكتروني.
يعرض المراهقون معلوماتهم على الانترنت حيث تستخدم ضدهم من قبل المتنمرين وخاصة ضدا لضعفاء منهم حيث يؤذونهم اجتماعيا في المدرسة وهكذا يصبحون ضحايا للتنمر الالكتروني.
وفي هذه المرحلة يمكن للتنمر آن يكون مقبولا حيث ينظرون إليه كشئ مضحك وليس مؤذيا.
التأثير الاقتصادي الاجتماعي
في دراسة ل Ybarra and Mitchell"s ( 2004)تبين أن المراهقين من الأسر التي يبلغ متوسط دخلها السنوي 75 ألف دولار أو أكثر يكون احتمال تنمرهم 45% أكثر من أبناء الأسر ذوي الدخل المتدني.
الغموضية والانترنت Anonymity
يكون غالبية المتنمرين الالكترونيين غامضي الهوية وبذلك يكونوا محميين عن طريق الأسماء التي تحمي هويتهم الأصلية
وقد أضاف غموض الهوية في فضاء الانترنت تحديات كثيرة للمدارس وأثر على التعلم في البيئة الطبيعية للمدرسة وقد تكون عو اقب ذلك مدمرة نفسيا للضحايا وضارة اجتماعيا لجميع الطلاب .
أن الخوف من الجناة الالكترونيين المجهولين بين زملاء الصف والتنمر الذي لا يزال في المدرسة يشتت الطلاب (ضحايا وشهود ومتنمرين )عن القيام بالواجبات المدرسية ويخلق بيئة معادية حيث يشعر الطلاب بأنهم غير مرحب بهم وغير امنين ويقلل هذا الجو من فرص التعلم. Devlin,1997:shrif & Strong, Wilson .2005)